و.ض.أ / بغداد / خاص
يشكّل المقاول العراقي اليوم أحد الأعمدة الأساسية في الاقتصاد الوطني، نظراً لما يقدّمه من خدمات مباشرة في تنفيذ المشاريع الحيوية التي تمسُّ حياة المواطن وتدعم تطور مختلف القطاعات، سواء الخدمية منها أو الإنتاجية. وتنامي خبراته وتوسّع قدراته جعله عنصراً فاعلاً في المشاريع الكبرى، لا سيما مع التوجه الحكومي نحو تعزيز الاعتماد على الطاقات المحلية في إنجاز المشاريع الاستراتيجية.
رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ثمّن في أكثر من مناسبة الدور الحيوي للمقاول العراقي، معتبراً إياه “حلقة مهمة من القطاع الخاص الوطني”، وأحد الأذرع الأساسية في تنفيذ البرامج الحكومية التي تستهدف التنمية وتحسين البنى التحتية. هذا الاعتراف الرسمي يعكس تحوّلاً في النظرة إلى القطاع الخاص، والمقاولين على وجه الخصوص، كشركاء حقيقيين في عملية البناء
والإعمار.
قدرات تضاهي الشركات العالمية
رئيس اتحاد المقاولين العراقيين والعرب، علي فاخر السنافي، يؤكد أن قدرات المقاول العراقي شهدت تطوراً كبيراً خلال السنوات الماضية، وأصبحت تضاهي تلك التي تمتلكها كبرى شركات المقاولات العالمية. ويقول في حديثه لـ”الصباح”: إن “المقاول المحلي بات يمتلك إمكانات تقنية وفنية متطورة تُمكّنه من تنفيذ أضخم المشاريع، في مختلف القطاعات، بكفاءة وجودة
عالية”.
وأشار السنافي إلى أن شركات المقاولات العراقية انفتحت على العالم الخارجي، وحرصت على متابعة أحدث ما توصلت إليه تقنيات تنفيذ المشاريع ميدانياً، مع السعي إلى استيراد المعدات الحديثة وتطوير المهارات البشرية بما يواكب تلك التطورات.
المعارض الدولية.. بوابة التحديث
ولفت إلى أهمية المشاركة الفاعلة في المعارض الدولية المتخصصة بقطاع البناء والمقاولات، باعتبارها منصات تفاعلية تسهم في نقل الخبرات، وتعزيز التعاون مع الشركات العالمية، وتوفير فرص التعاقد والتحديث المستمر، موضحاً أن تلك المشاركات ساعدت على بناء قاعدة معرفية حديثة لشركات المقاولات العراقية.
فرص متجددة في السوق المحلية
وأكد السنافي أن السوق العراقية ما تزال من الأسواق الواعدة على مستوى المنطقة، لما تتطلبه من مشاريع في كل محافظة وقضاء وناحية، مشيراً إلى أن الحاجة المتزايدة للبنى التحتية والمجمعات السكنية والخدمات الأساسية تجعل من العراق بيئة عمل نشطة توفّر “فرص عمل متجددة” لجميع شركات البناء المحلية والأجنبية.
مشروع طريق التنمية
واستشهد السنافي بمشروع “طريق التنمية” كنموذج على الجاهزية العالية التي يتمتع بها المقاول العراقي، موضحاً أن شركات المقاولات الوطنية تمتلك ما يلزم من معدات وآليات وكوادر مؤهلة لتنفيذ مراحل متقدمة من هذا المشروع الاستراتيجي، الذي سيمتد من البصرة إلى الحدود التركية، ويُعدُّ من أكبر المشاريع الاقتصادية في تاريخ العراق الحديث.
وقال: إن “المشروع سيسهم في خلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، ويؤدي إلى دفع عجلة التنمية الاقتصادية المحلية نحو مديات أوسع، ويُدخل العراق إلى مرحلة جديدة من التكامل اللوجستي والإقليمي”.
مشاريع ناجحة على الأرض
وبيّن السنافي أن شركات المقاولات العراقية نفذت خلال السنوات الأخيرة عدداً من المشاريع النوعية في بغداد والمحافظات، شملت جسوراً ومجسرات وطرقاً ومجمعات سكنية، وكلها أُنجزت وفق المواصفات الفنية المطلوبة، وهو ما يؤكد كفاءة الكوادر الوطنية وقدرتها على إدارة المشاريع الكبرى.
تأخر المستحقات
ورغم هذه النجاحات، لا يزال قطاع المقاولات في العراق يواجه جملة من التحديات الجوهرية، أبرزها – بحسب السنافي – تأخر صرف المستحقات المالية للمقاولين، ما يؤدي إلى إرباك مراحل التنفيذ وتعطيل الجداول الزمنية للمشاريع.
وقال: إن “من غير المعقول أن يُنجز المقاول مشروعاً بالمواصفات المطلوبة ويواجه بعد ذلك تأخيراً في صرف مستحقاته. هذا الأمر يُضعف الثقة، ويؤثر سلباً في ديمومة القطاع”.
ودعا إلى ضرورة وجود التزام حكومي ومؤسسي تجاه المقاول العراقي، واعتراف بدوره الحيوي في تحقيق أهداف التنمية، خاصة أن تنفيذ المشاريع محلياً يُبقي دورة رأس المال داخل العراق، ويُسهم في تحفيز النشاط الاقتصادي من خلال تدوير الأموال بين مشاريع متعددة.
نزاهة القطاع الخاص
وفي إطار تعزيز النزاهة في قطاع المقاولات، أشار السنافي إلى أن اتحاد المقاولين العراقيين يتعاون بشكل وثيق مع هيئة النزاهة الاتحادية لتنظيم ورش عمل وندوات توعوية، تهدف إلى خلق قطاع خاص مثالي بعيد عن شبهات الفساد، وتعزيز الشفافية في التعامل مع الجهات الحكومية والخاصة.وقال: إن الاتحاد يعمل على تثقيف مجتمع الأعمال بالممارسات السليمة، واعتماد بيئة تنفيذ آمنة وشفافة من حيث العقود والإجراءات والمواصفات الفنية.
نحو شراكات دولية
كما عبّر السنافي عن ترحيب الاتحاد بكل شراكة دولية حقيقية، تفتح آفاق التكامل مع القطاع الخاص العالمي، وتسهم في جلب التقنيات والخبرات المتقدمة إلى داخل البلاد، مشدداً على أن العراق يمكن أن يكون وجهة استثمارية مهمة إذا توفرت البيئة القانونية والمالية
السليمة.
تحريك قطاع المقاولات
واختتم السنافي حديثه بالتأكيد على أن تحريك قطاع المقاولات يُعدُّ مفتاحاً لمعالجة كثير من المشكلات المزمنة في البلاد، خصوصاً في القطاعات الساندة كالسمنت، والحديد، والمعدات، فضلاً عن توفير آلاف فرص العمل في مختلف التخصصات.
وقال: إن “المقاول العراقي لا يطلب سوى بيئة عادلة، ومناخ داعم، وإجراءات تضمن الاستحقاق، لأنه مستعد أن يبذل أقصى جهده في خدمة البلد، وتنفيذ مشاريعه وفق أعلى المواصفات”.
Share