و.ض.أ / سوريا / شذا لطه
شكّلت زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى نيويورك، للمشاركة في الدورة الـ80 لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، حدثا استثنائيا ومؤشرا على تحول كبير في مسار بلاده، كما يرى مراقبون.
وتخللت الزيارة لقاءات مع أبناء الجالية السورية، واجتماعات مع عدد من كبار قادة العالم، وأحاديث مفتوحة في فعاليات بُثت مباشرة، إلى جانب طلبات متزايدة للظهور الإعلامي، وسط ترقب واسع لكلمته أمام الجمعية العامة.
وتمثّل هذه الزيارة محطة فارقة، ليس فقط لكون الشرع أول رئيس سوري يخاطب الجمعية العامة منذ عام 1967، بل أيضا لأنها دشنت نهاية عزلة دولية امتدت لعقود، بعد أن تمكنت قوات المعارضة بقيادته من إسقاط نظام بشار الأسد أواخر عام 2024، رغم خلفيته الجهادية التي أثارت جدلا واسعا.
ونجح الشرع في إظهار نفسه كسياسي براغماتي يسعى إلى إعادة إعمار سوريا بعد الحرب الطويلة، كما يعد تخفيف العقوبات المتبقية أحد الأهداف الأساسية لزيارته، وهي خطوة رئيسية لإعادة الإعمار، وتحسن الأحوال الاقتصادية.
وتضمن جدول أعمال الشرع في نيويورك اجتماعات مع مسؤولين رفيعي المستوى مثل وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وكثيرين غيرهم، وهو ما يعد دليلا على إعادة الانخراط مع المجتمع الدولي.
في حين قال السفير فريدريك هوف، أول مبعوث أميركي لسوريا بعد الثورة عام 2011، والخبير بالمجلس الأطلسي والأستاذ بجامعة بارد، “يبدو أن انتقال الرئيس الشرع من تنظيم القاعدة إلى زعيم وطني سوري قد اكتمل”، مضيفا في حديث للجزيرة نت “لا أعتقد أن التصنيف الأميركي السابق له أي تأثير على استعداد الدول للانخراط في سوريا دبلوماسيا”.
وأُمطر الشرع بأسئلة عديدة حول ما يثار من مفاوضات مع إسرائيل والترتيبات الأمنية في أعقاب احتلالها لأراضٍ سورية بعد سقوط نظام الأسد، إضافة لاحتلالها الطويل لهضبة الجولان.
وقال “منذ وصولنا إلى دمشق قامت إسرائيل باعتداءات كثيرة على سوريا، لديها تقريبا نحو ألف غارة، دمرت فيها كثيرا من المؤسسات السورية العسكرية والأمنية والمدنية أيضا”.
ولفت الرئيس السوري إلى أن “إسرائيل توغّلت 400 مرة بريا داخل الأراضي السورية، لذلك نحن لدينا مراحل في الدخول في التفاوض معها”.
وأوضح الشرع أن “المرحلة الأولى من الاتفاق الأمني تهدف إلى إعادة إسرائيل إلى حدود هدنة عام 1974، بعدما أحرزت تقدما داخل الأراضي السورية، وعليها أن تعود إلى ما كانت عليه سابقا، وإذا كانت لديها مخاوف أمنية فيمكن بحثها عبر وسطاء إقليميين ودوليين، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة”.
وتعليقا على كلمات الشرع، قال السفير هوف إن ذلك “يعتمد على نجاح الشرع في التفاوض على اتفاق أمني مع إسرائيل إلى حد كبير، والطريقة المنطقية للمضي قدما هي تفعيل اتفاق فض الاشتباك لعام 1974، ثم التفاوض على هدنة ثنائية”.
وأشار إلى أن “هذا يتطلب من إسرائيل الانسحاب من الأراضي السورية التي تم الاستيلاء عليها منذ سقوط نظام بشار الأسد، ولا أعرف ما إذا كانت إسرائيل مستعدة للقيام بذلك”.
ورأى السفير هوف أنه ينظر إلى الولايات المتحدة على نطاق واسع بأنها تدعم الجهود السعودية والتركية لتحقيق الاستقرار في سوريا تحت قيادة الشرع حتى تبدأ إعادة الإعمار “ويمكن استبعاد إيران بشكل دائم”.
وقال “من المرجح أن ينظر إلى هذا الدعم غير المباشر إلى حد كبير على الصعيد الدولي على أنه يضفي الشرعية على الرئيس الشرع”.
وفي حديثه عن العلاقات السورية الإٍسرائيلية، قال الخبير هوف إنه “من الصعب جدا تقييم حالة العلاقات السورية الإسرائيلية، ففي ظاهر الأمر، إسرائيل ترتكب أعمالا فظيعة، حيث قصفت مرارا قواعد عسكرية سورية، وأصدرت تحذيرات للشرع بعدم نشر جيشه جنوب دمشق”.
وكالة الاضواء الاخبارية