الرئيسية » الثقافة والفنون » وكالة الاضواء تنفرد بنشر الفصل العاشر المُختار لكم من رواية( فندق الكويستيان) للروائي خضير الزيدي

وكالة الاضواء تنفرد بنشر الفصل العاشر المُختار لكم من رواية( فندق الكويستيان) للروائي خضير الزيدي

و.ض.أ/خاص

“(أنت مدعو للسهرة الليلة في فندق كويستيان أخ علي ساعة 8 مساء.. تحياتي”.. رسالةsms مختصرة في الموبايل بعثها لي صديقي كاكه ناصر..بعد رسالته هذه بقليل اتصلت به، لأستفسر عن سرّ هذه الدعوة.. لم يفصح عن سرّها، لكنه طلب مني جلب بعض مستلزمات السهرة لهذه الليلة التي يقيمها في غرفة306 في كويستيان.. قلت له: “لا تخرج من الفندق مطلقا اليوم، فشوارع البتاوين والمشجر وحتى السعدون غير آمنة، اختطفوا خمسة مرضى مع المعينين وهم ممدين على السديات، تخفى الأطباء مرتدين بدلات عمال ليهربوا من ساحة النصر، كما ورد في أخبار قناة الشرقية.. قلت له برسالة” أنا سأتكّفل بمستلزمات السهرة كلها.. لا تخرج من الفندق تحياتي صديقي ناصر”..جلبت معي بطل (واين أحمر) لناصر وبطل ويسكي (دنبل) أخبرني البائع المذعور أن الويسكي أصلي من بقايا النظام السابق عليه ختم “مستورد خصيصا للأسواق المركزية “.. مع بعض الفستق والشبس مثلما أوصاني ناصر استعدادا للسهرة.. جلبت المحتويات الكحولية من مخبأ مموّه من (شارع ستة) في البتاوين.. يقف على بابه شاب ايزيدي أبيض البشرة يدخن سكائر نوع (مارلبورو ابيض slam).. يتلفت يمينا ويسارا خوفا من غزوات دوريات الشرطة السرية أو دوريات العصابات، يأخذ الزبون بحذر وتمويه شديدين الى المخبأ.. المخبأ محاط بأكياس من الرمل وله كوة حديدية مدرعة صغيرة يطّل منها شاب ازيدي آخر حيث بدت عليه علامات الذعر والارتباك ايضا كأنه في لحظة قتال حقيقية.. غالبا ما تتعرض هذه الأماكن للمداهمة من شرطة الحكومة أو الميلشيات وبعض المتحالفين معها، ولكنها تفتح من جديد.. في غارات معنّية بالدفاع عن أصول الدين أو المذهب، تلبي نداء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. يأتون بسيارات (بيك أب) تحمل الشباب الملثمين بالسواد وبأيديهم البنادق القصيرة يهتفون “الله أكبر”.. أخبرت زوجتي المريضة على الدوام والتي تئن من أمراض بعضها وهمية وبعضها حقيقية مزمنة.. “انني سأغيب هذه الليلة لسفري خارج بغداد.. موفدا لتخليص بضاعة من ميناء أم قصر”.. حيث عملي هناك في الميناء.. مثلما كنت أتحايل عليها بعض المرات للسهر مع بعض الأصدقاء في البيوت فالنوادي كانت سواتر حرب متقدمة.. وصلت الفندق ودخلت مسرعا مُخفيا كيس الكحوليات بعلب كارتونية للأحذية متخلصا من رقابة عمال الفندق وعيونهم.. ناصر قد ترك لي باب الغرفة مفتوحا.. دخلت وأنا أسمع وشيش ماء الحمام فعرفتُ انه يمارس طقسه اليومي في الاستحمام.. رحتُ أقلّب دون تركيز على بعض القنوات العراقية التي تظهر وتحصي عدد القتلى المغدورين في شوارع بغداد لهذا اليوم وكانت النسبة مرتفعة عن المعدل اليومي المعتاد للجثث المغدورة والملقاة في الشوارع العامة.. جثث مغدورة خلف السدة أو في نهر دجلة أو المزابل.. جثث موثوقة بعضها يكون منتفخا وبعضها ممزقة أو من دون رؤوس..خرج ناصر من الحمام ينشّف بالخاولي شعره الأحمر المطّعم بالشيب.. سلّمً عليّ بتحية متحضرة:” هلو علي شلونك.. أنظر خلفك هذه الصورة على الجدار هي صورة سيسو انها تبتسم قبل أن تصاب بعدوى داء الكآبة.. سنسهر اليوم هنا، في فندق كويستيان العتيد.. أتذكره قبل الهرب الى المانيا.. كان أفضل بكثير مما هو عليه اليوم.. تصوّر حتى مقعد المراحيض كان نظيفا وطرازه من النوع الغربي المريح.. اليوم غيّروا تصميمه وجعلوه شرقيا قبيحا يؤدي الى إحتقان الأوردة واحمرار الوجه.. رائحته تزكم الانوف.. ثلاث صابونات انزلقت مسرعة الى جوفه عند الاستحمام.. – ناصر القضية مفروضة عليهم من السلطة.. “حكومة إسلامية”.. أنظر الى هذه البوصلة للصلاة تحدّد إتجاه القبلة، وهذه سجادة الصلاة وتلك الشعارات الدينية والادعية والصور.. وهذه الورقة المطبوعة التي تحضر تناول المشروبات الكحولية داخل الغرف.. هذه أوامر عمّمت على كل الفنادق هنا من وزارة السياحة والداخلية معا.. البلد يتّجه في مظهره نحو التدين الكاذب وباطنه نحو الإلحاد والكفر.. بعدين أنت لست غريبا عن هذا البلد العجائبي وعن هذه الرائحة، هل نسيت الروائح الكبرى في مركز الجثث؟ أم أن المانيا وقطتك سيسو أنستك كوارث الوطن المزمنة؟.. الناس هنا سرعان ما تنصاع لهوى السلطة وتلبّي رغباتها أكثر مما تتوقع السلطة نفسها”؟؟ قال مقاطعا: ” لا لم أنس دعنا من هذا.. اليوم هناك مفاجأة سيحضر للسهرة أحد الأصدقاء القدامى منذ أيام مركز تسليم الجثث”..- ناصر منو هذا الشخص؟؟ ما بيّ اتحّمل مفاجآت كبيرة في حياتي بعد.. هنا نحن نعيش بالمصادفة ومن الطبيعي الموت العشوائي.. أنت ستبقى فترة هنا بنزهة برّية في غابة مخيفة ثم تفز من الحلم المرعب وتحمل حقيبتك وترحل.. قلْ لي منْ هذا الشخص؟- همام هل تذكره؟؟ همام مراسل رائد مشتاق بخيل العين.. هل تذكره؟؟ وجدته اليوم في بهو الفندق هو الذي تذّكرني وقدّم نفسه ألي، أما أنا لم اتذّكره بسهولة، فكما تعرف ذاكرتي مثقّبة مثل كرة أطفال قرى الجبال ..” السلام عليكم” دخل همام وقد عرفني على الفور.. قال” أنت علي عبد الهادي بندر”.. كان همام يتحدث كثيرا عن نفسه وبطولاته الجنسية.. تغيّر شكله.. أصبح بدينا جدا وقد تساقط شعر رأسه، لكن بقايا وسامة متآكلة على وجهه.. راح يرتشف كأسه على جرعات ويتحدث موزعا كلامه بيننا.. تحدث عن موت مشتاق بخيل العين حيث وجد مقتولا في منطقة زيونة في يوم من صباحات الحرب الطائفية المستمرة لغاية اليوم منذ عام 2006.. قال:- أيباه.. كم كان “رائد مشتاق” قاسيا مع الجنود كلهم، حتى معي أنا خادمه ومراسله الشخصي؟ أتذكره عندما كان يسكر آخر الليل.. أنزع له حتى ملابسه ورتبته وبسطاله، أسحله مثل خروف الفاتحة الى فراشه داخل الموضع وأنوّمه مثل طفل مدلل، اذا زوّد عيار الخمرة يطلب ان يتقيأ، هل تعتقدون أنه كان يفعلها في كف يدي؟؟ اذا أراد أن يبول فأخرج له عضوه بيدي وأبوّله في قوطية النيدو المخصصة له.. وعندما يثمل آخر الليل يتحوّل الى طفل مدلل ومزعج، حتى اذا ما اتصل أحد قادة العسكر كان عليّ أن امثل دوره واستجيب للرد العسكري.. كنت أرد على المكالمة الواردة وكأني أنا رائد مشتاق.. هو نائم مثل حيوان يفتح فمه في أثناء النوم الثقيل.. وفي الصباح أخبره بما حصل له، يضحك كثيرا ويقول لي:” همام هذه حلاوة الخمرة عندما ينقطع البث الأرضي بشكل نهائي ولا أتذكر ما فعلت هههه”..- اُوف كم كان المعانات قاسية في حينها، تصوروا كان يأمرني بغسل لباسه الداخلي والجواريب الخائسة وتلميع بسطاله الأحمر حتى أرى صورتي بوجه بسطاله وأمام الجميع.. ولأول مرة اكشف أحد أسراره.. قال لي:” همام انا متضايق جدا.. سوف اتمدد وتعال العب في هذا”.. المرارة في فمي والشتائم في أذنيّ واللوثة في ذاكرتي.. البعض من جند المركز يشير لي بحركات غسيل اللباس أو تلميع البسطال يسموني “ابو اللبسان”.. أنا رجل مثقف لا أريد حينها أن أموت كرقم مجهول في الحرب.. أجبرتني الظروف وقسوة النظام للخنوع الكلي والقبول بالعمل كمراسل عنده للتخلص من آفة الموت الإجمالي في السواتر.. رسبتُ في السادس الأعدادي لظروف العمل.. جندوّني مراسلا عند مشتاق أعور الكلب هذا الله لا يرحمه فقد كانت وسامتي السبب في اختاري كمراسل.. حقدت عليه كثيرا حقدا تاريخيا وكرهت وسامتي.. وعلى ذكر الوسامة، لاول مرة في حياتي تنفعني وسامتي.. حصل الذي حصل دون أن أخطط له في حركة جريئة منّي ذات يوم.. إنما هي مشيئة الله والحرب.. كنت أذهب بإجازتي الى بيته مثلما يطلب مني هو توصيل بعض غنائمه من الأرزاق الجافة ولحم الكنغر وجبن كرافت والحليب السائل والبدلات العسكرية الرومانية الخاصة.. زوجته “عائدة” هي التي اتصلت بي على الهاتف الأرضي.. قالت لي بالنص “هومي تعال محتاجتك بشغل”.. اتصلت عايدة بزوجها مشتاق وهو الذي أشار عليها لقضاء بعض أعمال البيت ومشاوير التبضع معتمدة على المراسل همام.. والله يا أخوان كنت أقوم في كل إجازة بقضاء كل الأعمال دون أن أخطط أو أنظر نظرة دونية.. انتم اصدقائي، أستطيع أن أكشف الأسرار القديمة أمامكم صدقوني والله.. قلت له:- تفضل همام.. خذ راحتك.. – في يوم من الأيام أذكر كانت الساعة متأخرة من الليل اتصلت بي وقالت لي: “تعال هسّه هومي”.. في ليلة ممطرة وباردة حصل انسداد في مجاري الحمام.. لم أدرك الأمر تصرفت كأي حيوان بليد و”بغل خدمة” ومراسل مطيع هجنّته الحروب ولم أفهم الفلم.. فوجدت إن خرقة قد دُسّت في (مانهولة) المطبخ عن عمد وعطلّت تدفق وانسيابية المياه الثقيلة واحتقانها.. في البدء لم أدرك ما يحدث.. أنا دائما أدرك الأمور بعد حين فلم أكن سريع البديهية.. تبيّنت الأمور بشكل مفاجئ وصادم، عندما فتحت باب الحمام و كنت أستحم لإزالة الوساخة مثلما ارشدتني هي بذلك.. دخلت وناولتني المنشفة.. وراحت تتطلّع على عضوي، وأذاب بها تقذف جسمها عليّ بجنون.. خيّرتني بين اخبار السيد الضابط أم الممارسة وقوفا في الحمام.. – لا يحجبنا سوى البخار المتصاعد من الدوش وسخونة الماء الذي وضعنا في وسط الجو السحري هذا.. رسمته بدقة لكم وأنا مثّلت الدور تماما كالحمار المطيع بكل ما يطلب منه مقابل اشباع لذتها كأمر من زوجة الضابط لمراسلهما..اللذة بكل أنواعها لأكثر من مرة.. الحالة تكررت بعد رفع الحواجز ومسك الأرض.. هي كانت تسكن في منطقة بغداد الجديدة سابقا.. أما أنا ففي زيونة يعني لست بعيدا عن بيت الرائد الاعور (الله لا يرحمه) وزوجته عائدة الحبوبة ذات الأنوثة الساحرة .. سلبت حرب الثمان عينه وشرفه والحرب الطائفية أخذت روحه.. حاولت أن اقنع نفسي بما فعلت لاسترداد البعض من انسانيّتي التي مسح بها الأعور أرض جبهة الحرب.. يوما ما تصّدت له مجموعة مسلّحة صباحا وقبضت عليه وقتلته قرب بيته ثم طرقوا باب بيته ولاذوا بالفرار.. أنا تريان طعنت عبوديتي بخنجري الخاص المعقوف هذا.. الغريب في الأمر تكررت غزوتي الليلية.. ففي ليلة باردة أخرى فتحت لي الباب بعد أن نام أولادها الصغار، طلبت مني الجلوس في غرفة الضيوف للتفرج على فيلم فيديو فيه لقطات اباحية وممارسة فراش خجولة.. تحررت من القيود تدريجيا.. اظهرت لي مفاتن جسدها البض وصدرها القطني الناعم شيئا فشيئا متأثرة بمشاهد من أفلام عربية، كانت ترمي قطع الملابس الحريرية الناعمة الشفافة قطعة اثر قطعة.. فتحرر صاحبي (خنجري المعقوف) من صمته وتلعثمه وخجله المزمن وراح يتمطى كحصان نهض توا من النوم يتثائب بصمت وتحرر.. مارسنا لعبة المصارعة الحرة لساعتين متتاليتين بكل الحركات والفاولات؟ بصراحة يا أخوان تكررت الصولة تلبية لرغبتها.. ففي كل مرة تهددني بإخبار الرائد اذا لم ألبي طلبها والذهاب معها الى غرفة نومها او الاستحمام وقوفا في الحمام.. أيباه أذكر كانت تأخذني الى الغرفة الدافئة لاقتحم السواتر كلها ووصلت الى عمق ستراتيجي وحررت الأرض المغتصبة كما يقولون.. ومن ذلك اليوم بقيت مستمرا مطيعا في ممارسة التحرير بنفس البرنامج وحسب المنهج وبخنجر معقوف.. بصراحة أخوان انتقمت لشرفي المهدور وكرامتي المسفوحة.. حتى انتهت الحرب وأذيع بيان البيانات وتسرّحت منها.. قلت له:”أهي تحبّك؟”- يا أخي الحب ينتهي الى الجنس لا تكن غشيما.. ثم تدخل ناصر قائلا:- وماذا عن أيام فوق السبعة مثلما يسميّها علي؟؟- بعد قتل الرائد مشتاق قبل سنة وإحالتها على التقاعد من الوظيفة انقطع برنامج التوغل في عمق العدو لتحرير الأرض المغتصبة، راحت تكّفر عن ذنوبها وتطرّفت كثيرا على طريقة الفنانات المصريات في أواخر العمر، انتهى فيها المطاف حيث تابت توبتها النصوحة وذهبت الى الحج لأكثر من مرة وصامت اشهر الحرم كلها.. أكثر من مرة وجدتها تتبضّع في سوق زيونة لكنها تصر على نكران معرفتي مستغفرة من رؤية وجهي.. قلت لهمام:- انت غشيم.. عليك التفريق بين نوعين من الحب.. عذري وجنسي.. أقصد العشق وتبادل الحب كما يسميّه الغربيون.. ليس الحب العذري في العشق والغزل.. أنما في إشباع الغريزة بعلاقة اتصال بين جسدين.. ليس هذا الحب الذي أحدّثك عنه.. وخاصة عندما يكون لفش الغل والانتقام من بخيل العين.. قاطعني بعد أن كرع كأسه كله:- استمرت علاقتي بها لأربع سنين متصلة بحيث اختلطت الدماء كما يحدث في كل حرب.. ((أوف بس اشلون نثية متروسة تعطي النوم والفراش حقهما.. خبرة ممتازة ومجرّبة حكيمة.. تجيد كل الدروس وكل أوضاع النوم)).. كنت دائما أكرر السؤال عليها.. ما هو مصيري معك؟ متى تسرّحيني من الخدمة؟ قالت: “إذا تخليّت عني سوف أخبره ويعدمك هناك في الجبهة مثل أي خائن جبان.. أنت بكيفك هومي إذا يعجبك تنعدم لو تستمر معي تحرث الارض في الخلفيات؟؟” قلت لها:” لا لا طبعا سوف أحرث الأرض وأسقيها بل أقبّل جبهة الحرب وترابها الناعم ايضا)”..

10300873_10203022733345700_8549207684482621433_n

Share